جسدت القمة العالمية للحكومات عبر دوراتها الماضية بشكل واقعي، رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الهادفة إلى تطوير منصة عالمية لصناعة المستقبل، وتوفير حاضنة لدعم النماذج المستقبلية للعمل الحكومي القائم على الابتكار وفهم الواقع وتلبية متطلباته بما يراعي خير الشعوب.
وشهدت دورات القمة الماضية مجموعة كبيرة من الأفكار والمبادرات والتجارب الملهمة التي أسهمت في فهم المستقبل على نحو أعمق، وبالتالي تعزيز جاهزية الدول عبر التركيز على تسخير التكنولوجيا للتغلب على التحديات التي تواجه البشرية، حالياً ومستقبلاً.
ووضعت القمة منذ انطلاقها الإنسان هدفاً أساسياً بوصفه الأساس الذي تنطلق منه كل المسارات التنموية، وتبنّت مجموعة من التوجهات المستقبلية المحورية التي تضمنّت: مستقبل المجتمعات والسياسات، والتكنولوجيا وتأثيرها في حكومات المستقبل، والصحة وجودة الحياة، والبيئة والتغيّر المناخي، والتجارة والتعاون الدولي، والتعليم وعلاقته بسوق العمل ومهارات المستقبل، والإعلام والاتصال بين الحكومات والشعوب.
ويعكس اهتمام القمة - التي تعقد دورتها الجديدة في الفترة من 13 إلى 15 فبراير/ شباط الجاري في دبي - باستشراف المستقبل وتطوير الحلول العلمية والعملية في المجالات التنموية كافة، حجم التأثير الذي باتت تشكله على الصعيد العالمي، لاسيما مع تنظيمها العديد من المنتديات العالمية وجلسات وورش العمل واستضافتها آلاف المشاركين من كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء ومستشرفي المستقبل وقادة القطاع الخاص.
وشهدت الدورات الماضية للقمة توقيع العديد من اتفاقيات التعاون بين الحكومات والمؤسسات والجهات الخاصة المشاركة من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى مشاركة منظمات دولية وإقليمية، من ضمنها الأمم المتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وغيرها.
كما أطلقت القمة عشرات التقارير بالتعاون مع كبرى المؤسسات والشركات الاستشارية والمراكز البحثية العالمية بهدف تعريف حكومات العالم بأحدث التحولات والتحديات الحالية والمقبلة، واستشراف مستقبل مختلف القطاعات الحيوية، وتحديد أهم الأولويات والاستراتيجيات التي يجب التركيز عليها لتصميم مستقبل أفضل للعالم.
حوار وطني مفتوح
وحققت القمة الحكومية في دورتها الأولى التي عقدت في فبراير/ شباط 2013، العديد من الإنجازات على مختلف الصعد، وأنجزت أهدافها في جمع الجهات الحكومية، الاتحادية والمحلية والإقليمية والعالمية، لتحقيق تبادل المعرفة ونشر أفضل الممارسات الإدارية الحكومية، من خلال عرض التجارب والخبرات المتميزة، بحضور 150 خبيراً دولياً على مدى 30 جلسة حوارية وورشة عمل، ونحو 3 آلاف شخص بين حضور ومتحدثين من 30 دولة، وتضمنت إطلاق 9 تقارير عالمية.
وتركت الدورة الأولى صدى وطنياً وإقليمياً مميزاً عبر حوار وطني مفتوح بين قيادة الصف الأول ومختلف قيادات العمل الحكومي، جرى خلاله التركيز على قطاعات حيوية في الإدارة الحكومية والابتكار وتعميم المعرفة في المنطقة العربية.
الارتقاء بالخدمات الحكومية
أما الدورة الثانية من القمة والتي عقدت في عام 2014 فقد ركزت على مستقبل الخدمات الحكومية وتحقيق السعادة للمتعاملين، وأسهمت في طرح طرق جديدة ومبتكرة لاستخدام التكنولوجيا للارتقاء بمستوى الخدمات والقيام بشراكات بين القطاعين، الحكومي والخاص، للوصول إلى خدمات ذات قيمة للمتعاملين، حيث ساهمت 60 شخصية من كبار المتحدثين في الجلسات الرئيسية والتفاعلية بينهم عدد من القادة وصناع القرار والوزراء والرؤساء التنفيذيين وقادة الفكر والمسؤولين الحكوميين والخبراء في إطلاق مجموعة من التقارير الدولية حول تطوير الخدمات الحكومية.
وشهدت الدورة الثانية من القمة افتتاح متحف الخدمات الحكومية المستقبلية، وهو عبارة عن معرض تفاعلي للتصاميم المستقبلية، يستكشف مستقبل خدمات السفر والرعاية الصحية والتعليم، ويحتضن أكثر من 80 مصمماً وتقنياً ومخططاً مستقبلياً عالمياً من قرابة 20 دولة، بهدف وضع تصور لكيفية تطوير هذه الخدمات في الأعوام المقبلة.
كما شهدت القمة توزيع جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول، حيث كرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الفائزين في الجهات الحكومية، الاتحادية والمحلية، وفرق طلاب الجامعات بدولة الإمارات، والجهات العربية والعالمية.
وعلى هامش أعمال الدورة الثانية من القمة، أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، مبادرة «حكومة دبي نحو 2021» والتي تهدف إلى التحوّل من مفهوم «السرعة» في تقديم الخدمة إلى مفهوم «الخدمة الفورية».
استشراف مستقبل الحكومات
وانتقلت القمة في الدورة الثالثة التي عقدت في عام 2015 من ريادة الخدمات الحكومية إلى استشراف المستقبل لتصبح أكبر تجمع حكومي سنوي في العالم، حيث شارك فيها نحو 4000 مشارك من 93 دولة، وركزت على مواضيع تشكيل الحكومات في المستقبل، وتعزيز أداء تقديم الخدمات، وأطر تعزيز التعاون والتنسيق بين الحكومات، والترويج لتبادل المعرفة والخبرات حول أفضل الممارسات العالمية المبتكرة في القطاع العام.
وتقدم المتحدثين في تلك القمة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وشهدت فعاليات القمة أيضاً إطلاق جائزتين عالميتين ومتحفاً للجيل القادم من حكومات المستقبل، ومنصة هي الأكبر من نوعها للابتكار في القطاع الحكومي.
وركزت الدورة الثالثة للقمة على تحقيق السعادة لمجتمع الإمارات، وأثبتت القمة مكانتها كمنصة عالمية لتبادل أفضل الممارسات على صعيد تطوير وتقديم الخدمات الحكومية.
أكبر تجمع عالمي
وتحوّلت القمة الحكومية في دورتها الرابعة التي عقدت في عام 2016 إلى «القمة العالمية للحكومات» بعد أن أدخلت عليها مجموعة من التغييرات الجذرية؛ إذ تم تحويلها من حدث عالمي إلى مؤسسة عالمية تعمل على مدار العام، وشهدت القمة تحولاً مهماً في دورتها الرابعة لتصبح أكبر تجمع عالمي متخصص في استشراف حكومات المستقبل، حيث شارك في تلك الدورة أكثر من 120 دولة، و4500 مشارك، منهم 2000 شخصية حكومية رفيعة المستوى من خارج دولة الإمارات، إضافة إلى 4 منظمات عالمية، هي الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي.
محطات جديدة
وتميزت الدورة الخامسة للقمة العالمية للحكومات التي عقدت في عام 2017، بمحطات جديدة في أجندتها، لتشمل أول وأكبر تجمع دولي لخبراء ومختصين في مجال السعادة، ومنتدى التغير المناخي والأمن الغذائي ومنتدى الشباب العربي.
وشكل الحوار حول استئناف الحضارة الذي أجراه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نقطة انطلاق جديدة للقمة في دورتها الخامسة، وحجم تأثيرها في مجال القراءة الواقعية للواقع وحجم التحديات التي تعترض مسيرة الدول العربية في النهوض بحضارتها وتنميتها.
وأعلنت دولة الإمارات في الدورة الخامسة عن مشروع «المريخ 2117»، كما ضمت القمة العديد من المسارات التي تناولت أبرز القضايا التي تواجه الحكومات والدول عبر العالم كتحدي التكنولوجيا، وسيكولوجية التطرف، والمفهوم الجديد للتعليم، ومستقبل السعادة، وشكل حكومات المستقبل، وطاقة المستقبل ومسار مستقبل الرعاية الصحية.
حلول فعالة للتحديات العالمية
وشهدت القمة في دورتها السادسة عام 2018 مشاركة 140 دولة و16 منظمة دولية، و4 آلاف مشارك بينهم أكثر من 26 رئيس دولة ووزراء ورؤساء منظمات، وتضمنت القمة 120 جلسة رئيسية ركزت على الجيل القادم من الحكومات، وكيفية الاستفادة من الابتكار والتكنولوجيا في إيجاد حلول فعالة للتحديات العالمية التي تواجه البشرية، كما شهدت إقامة منتدى عالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي، ومنتدى استيطان الفضاء، وإطلاق أول تقرير للسعادة في العالم، إلى جانب إقامة منتدى التغيير المناخي الذي ناقش تداعيات التغيير المناخي وتأثيره على الناس.
وأطلقت القمة العالمية للحكومات «دليل الحكومات نحو العام 2071» الذي يستشرف معالم رحلة تطوير العمل الحكومي للسنوات الخمسين المقبلة، كما أطلقت مؤشر جاهزية الحكومات للمستقبل، وكشفت عن أحدث الابتكارات الحكومية من خلال عرض أكثر من 20 دراسة حالة للمسرعات الحكومية، وابتكارات الحكومات الخلاقة.
16 منتدى و200 جلسة
واستضافت القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة عام 2019 ثلاث دول كضيوف شرف، بدلاً من دولة واحدة كما جرت العادة في الدورات السابقة، هي إستونيا ورواندا إلى جانب كوستاريكا، ونظمت أكثر من 200 جلسة حوارية وتفاعلية.
وركزت القمة على 7 توجهات مستقبلية محورية، هي التكنولوجيا وتأثيرها في حكومات المستقبل، والصحة وجودة الحياة، والبيئة والتغيير المناخي، والتجارة والتعاون الدولي، والتعليم وعلاقته بسوق العمل ومهارات المستقبل، والإعلام والاتصال بين الحكومات والشعوب، ومستقبل الأفراد والمجتمعات والسياسات، كما أصدرت أكثر من 20 تقريراً في إطار دورها كمرجعية عالمية لشؤون المستقبل، ونظمت القمة في دورتها السابعة 16 منتدى.
21 أولوية لحكومات العالم
وشهد عام 2021 انعقاد «حوارات القمة العالمية للحكومات» بمشاركة نخبة من القادة والوزراء وممثلي المنظمات الدولية والشركات العالمية والمبتكرين ورواد الأعمال من مختلف دول العالم، والتي استقطبت جلساتها أكثر من 10 آلاف مشارك من 156 دولة.
وعكس تقرير «21 أولوية لحكومات العالم في 2021» توصيات ومخرجات «حوارات القمة العالمية للحكومات» والذي تناول مجموعة من التوجهات العالمية في مجالات منها الاقتصاد، والصحة، والتعليم، والمجتمع، والشباب، وأسواق العمل والتنمية، وتمكين المرأة.
قمة استثنائية
وحظيت الدورة الثامنة للقمة العالمية للحكومات، بأهمية خاصة، حيث تزامن عقدها مع «إكسبو 2020 دبي»، ومع بدء تعافي دول العالم من جائحة «كوفيد -19» ما جعل منها منتدى حيوياً لتبادل الأفكار بين صنّاع القرار والسياسات حول العالم لتجاوز التأثيرات السلبية التي أفرزتها هذه الجائحة على الاقتصاد الدولي والاقتصاديات الوطنية لدول العالم المختلفة.
وعقدت فعاليات الدورة الثامنة للقمة يومي 29 و30 مارس/ آذار 2022 في مركز دبي للمعارض في «إكسبو 2020 دبي»، حيث غطت 8 محاور، وشهدت الدورة تنظيم 15 منتدى عالمياً بالشراكة مع عدد من المنظمات الدولية، والمؤسسات التكنولوجية العالمية، والشركات الرائدة، والمؤسسات المجتمعية التي تعنى بابتكار الحلول لتحديات المجتمعات الإنسانية، ومن أبرز المنتديات التي تم عقدها، منتدى الميتافيرس العالمي، الذي تم تنظيمه للمرة الأولى.
الدورة الحالية.. إضافات نوعية
وبعد أن حققت الدورة الماضية من القمة أهدافها بجمع العالم في «إكسبو 2020 دبي» ضمن حوار متقدم ناقش تطوير الحلول لكل التحديات المستقبلية، تعقد الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات في الفترة من 13 - 15 فبراير/ شباط الجاري.
وسيشارك في القمة 20 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 250 وزيراً، و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين، لتبادل الخبرات والمعارف والأفكار التي تسهم في تعزيز التنمية والازدهار حول العالم
0 Comments: