تستثمر دولة الإمارات بشكل كبير في إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، كجزء من استراتيجيتها للتحول نحو الطاقة النظيفة والاستدامة، وتعتبر الدولة واحدة من الدول الرائدة عالمياً في الاستثمار بهذا المجال، كما تسعى إلى تطوير بنية تحتية مستدامة تمكنها من تصدير هذه المنتجات إلى الأسواق العالمية، بما يتماشى مع رؤية تحقيق الحياد الكربوني 2050، وفقاً لمركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» ومقره أبوظبي.
ويتوقع أن تستحوذ دولة الإمارات على 25% من سوق الهيدروجين العالمي العام 2030، حيث تمتلك الدولة أول محطة في الشرق الأوسط لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يعتبر وقود المستقبل، فيما تستهدف «مصدر» إنتاج مليون طن سنوياً بحلول 2030 كما يصل إنتاج «أدنوك» 300 ألف طن سنوياً، فيما تعتزم الإمارات زيادة الاستثمارات بقطاع الطاقة النظيفة إلى ما يصل إلى 600 مليار درهم «163 مليار دولار» بحلول 2050.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في الإمارات إلى دعم الصناعات المحلية منخفضة الانبعاثات، والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي، وتعزيز وتحقيق الريادة عالمياً في مجال إنتاج الهيدروجين حتى عام 2031. تركز الاستراتيجية على 10 ممكنات، كما تحدد الاستراتيجية الخطوات الرئيسية التي ستتخذها الإمارات لتسريع نمو اقتصاد الهيدروجين وتخفيض الانبعاثات في القطاعات الكثيفة الانبعاثات.
وأوضح تقرير المركز أن دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية تعملان على بناء قاعدة قوية لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر كمصدر طاقة نظيفة، وهو ما يعزز مكانتهما كقادة في هذا القطاع إقليمياً وعالمياً كجزء من جهودهما للتحول نحو الطاقة المتجددة وتنويع اقتصادهما بعيداً عن الاعتماد على النفط.
وقال التقرير إن من أبرز استثمارات دولة الإمارات في الأمونيا الخضراء التي تعرف بكونها مادة كيميائية يمكن استخدامها كوقود نظيف أو كوسيلة لنقل وتخزين الهيدروجين، والذي يُعد عنصراً مهماً في التحول إلى اقتصاد خالٍ من الكربون المشروعات التالية، مشروع تحالف أبوظبي لطاقة الهيدروجين، ومشروع «مصدر» للطاقة النظيفة، ومشروع «فرتيجلوب»، وتعد «مصدر»، إحدى شركات الطاقة المتجددة في أبوظبي، والتي تسعى إلى أن تصبح واحدة من الشركات الرائدة عالمياً في إنتاج الهيدروجين الأخضر وفي العام 2021، أطلقت دولة الإمارات أول محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط، بقدرة 1.25 ميغاواط بالتعاون مع شركة «سيمنس».
استراتيجية طويلة
ووفقاً لتحديث استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، تقرر مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة إلى 19.8 جيجاوات بحلول نفس العام ورفع مساهمة القدرة المركبة للطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة إلى (30%)، كما تستهدف الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين إنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين منخفض الانبعاثات سنوياً بحلول 2031، وزيادة الإنتاج إلى 15 مليون طن سنوياً بحلول عام 2050.
وفي السياق، ذكر «إنترريجونال» أن المملكة العربية السعودية تستثمر بشكل كبير في الهيدروجين الأخضر ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحويل المملكة إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة ويعتبر مشروع «نيوم» أحد أكبر المشاريع في هذا المجال، حيث تخطط المملكة لإنشاء مصنع هيدروجين أخضر بتكلفة تقارب 5 مليارات دولار. من المتوقع أن يبدأ تشغيل هذا المصنع بحلول عام 2025، ويهدف إلى إنتاج 650 طناً من الهيدروجين الأخضر يومياً.
وأعلنت «نيوم للهيدروجين الأخضر» العام 2022، توقيع اتفاقيات مع بنوك محلية وإقليمية وعالمية لبناء منشأة هيدروجين أخضر متكاملة في السعودية، بقيمة إجمالية تبلغ 8.4 مليارات دولار لإنتاج ما يصل إلى 600 طن من الهيدروجين الأخضر يومياً من 110 أجهزة للتحليل الكهربائي بسعة 20 ميغاواط، تعمل بقدرة 4 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، من أجل إنتاج ما يصل إلى 1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا للتصدير، عند بدء التشغيل التجاري في عام 2026.
وإضافة إلى ذلك، وقعت السعودية عدة اتفاقيات مع شركاء دوليين لتعزيز قدراتها في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، ويُتوقع أن تصل استثمارات المملكة إلى مليارات الدولارات في السنوات القادمة.
الشحن البحري
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تُشكّل الأمونيا الخضراء 45 % من الطلب على الطاقة في قطاع الشحن البحري، بينما لا تتجاوز نسبة الهيدروجين الأخضر 15 % وفق سيناريو تحقيق الحياد الكربوني العام 2050 أي أن استخدام الأمونيا الخضراء سيكون 3 أضعاف استخدام الهيدروجين الأخضر في قطاع الشحن البحري.
وبدأ الاهتمام العربي بالأمونيا الخضراء العام 2021، حيث كانت دولة الإمارات سباقة بإطلاق أول مشروع العام 2021، باستخدام 40 ألف طن من الهيدروجين الأخضر، بتكلفة تصل إلى مليار دولار كما أطلقت مصر مشروعاً لإنتاج الأمونيا الخضراء خلال «كوب 27»، ومشروعاً لإنتاج 42 ألف طن في المرحلة الأولى.
وأوضح «إنترريجونال» أن العالم يشهد إقامة مشروعات كبرى في الهيدروجين والأمونيا الخضراء، سعياً لتوفير إمدادات منخفضة الكربون بنحو 13 مليون طن منها مشروع: «بومونت» في أمريكا الذي يبدأ الإنتاج 2025، بطاقة 1.1 مليون طن متري سنوياً ومشروع يونيجيل البرازيلية باستثمارات بنحو 1.5 مليار دولار ومشروع شركتي إيفرويند فيولز الكندية وإي أو إن هيدروجين الألمانية لتوريد الأمونيا الخضراء إلى ألمانيا بدءاً من 2025، إضافة إلى مشروع شركة فورتسكيو الأسترالية وإنسياتك بيفوت لإنتاج نحو 400 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنوياً من 2026.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق